الثلاثاء، 14 يناير 2014

كلام الناس

الحلقة الرابعة من رحلتي مع سرطان الثدي

قضاء الله يأتي برحماته وعطاياه.. فيخف على النفس.. ويهون.. أما كلام الناس.. " أو فلسفتهم".. فهو في كثير من الأحيان.. أشد على مريض السرطان من القضاء..

أتكلم الآن عن الناس المقربين.. المحبين الذين لا يريدون للمريض إلا كل خير.. كل خير على طريقتهم هم.. ومن وجهة نظرهم هم.. وهنا تبدأ فلسفة وتشدق.. لا ينتهي إلا ليبدأ..

" ماذا؟ تريدين أن تبقي في أمريكا؟.. غلط..غلط.. يجب أن تعودي للسعودية.. وهناك دكتور "فلان".. وهو أكثر من ممتاز.. ماذا يبقيك ِ في أمريكا!!..

وتنسى المتحدثة أن لي زوجاً يعمل في أمريكا.. وأن ما أحتاجه أكثر من الطبيب "فلان" هو جراح للثدي.. فأنا أحتاج فريقاً من الأطباء منهم وأهمهم طبيب أورام "للعلاج بالكيماوي" يستطيع أن يختار الأنواع الأفضل بالنسبة لنوع السرطان الذي لدي والذي يعتبر "نادراً".. مع اعتبار كوني حاملاً"..أشرح لها هذا.. فتصدم أني لا أسمع تعليماتها وتتمتم.. " الله يهديكِ.. الله يهديكِ"..

أوصل ابني للحضانة.. فتراني إحدى الصديقات العزيزات.. تراني فتقول بدون مقدمات: "أنا من رأيي.. أن تجهضي الحمل.. هذا رأيي!!"

هل تعرف كل التفاصيل عن هذا القرار؟..لا

هل تعرف رأي زوجي وطبيبي المعالج؟..لا

هل سألتها رأيها بسبب حيرتي البالغة؟..لا.. لماذا إذاً..الفلسفة..

تتصل بي فجأة صديقة عزيزة.. تخاف علي كنفسها..وأعلم مدى إخلاصها..تتصل وتبدأ الكلام بانفعال شديد..

"أمك أخبرتني أنك تنوين إكمال الحمل.. إذا كان المتحدث مجنوناً فالمستمع عاقل.. يبدو أنك لست "واعية".. وتحتاجين لمن "يوعيك".. وهنا بدأت بالصراخ.. " أنت مريضة.. مريضة.. هذا ليس زكاماً.. هذا مرض خطير.. ثم تأتين بطفل "معاق أو منغولي".. بسبب العلاج خلال الحمل.."

أظن أنكم أدركتم ما قلته لكم.. أن قضاء الله أهون بكثير جداً من كلام الناس"

هذا غير الفضول والأسئلة العجيبة.. التي تأتي من كل أحد..

"هل سيستأصلون ثدياً واحداً أم اثنين"..

"الكيماوي سيسقط شعرك.. أليس كذلك.."

"يا ترى ما السبب في أن أصابك هذا المرض"

"عجيب أنت "دكتوره" ولم تستطيعي اكتشاف المرض مبكرا!"

والمزيد والمزيد..

أعزائي..

مريض السرطان يحتاج للناس.. يحتاج لدعمهم.. مواساتهم.. دعائهم..مشورتهم عندما يطلب المشورة..

أرجوكم.. إن كنتم من المقربين لمريض سرطان.. فلا تفرضوا عليه آرائكم.. ولا تعرضوا اقتراحاتكم التي قد تكون مؤلمة من غير أن تُسألوا المشورة.. فنيتكم وإن كانت طيبة.. لا تعني أن حديثكم لا يجرح..

وإن كنتم من "مجرد المعارف".. فاحرصوا ألا تدعو الفضول يطلق  ألسنتكم لتسألوا أسئلةً مؤلمةً جارحة.. وإن قتلكم الفضول فابحثوا في الأمر في كتاب أو موقع.. فستعلمون أن الكيماوي يسقط الشعر من غير أن تسألوا..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق