الثلاثاء، 14 يناير 2014

نعمة استئصال الثدي

الحلقة السابعة من رحلتي مع سرطان الثدي

بعد يومين من عمليتي..   حان وقت لإزالة الشاش واللصقات.. لأنظر للجرح.. لحيث كان هناك قببل يومين عضو مهم لكل أنثى.. لتشعر أنها أنثى..

كانت الممرضة المنزلية معي.. فلم أظهر أي اهتمام بالمنظر الجديد.. ثم رحلت.. وحان وقت النظر في المرآة..

كان منظراً مؤلماً وغير متوازن.. لم يستطيعوا أن يقوموا بجراحة تجميل في نفس الوقت لكوني حامل.. فلم يريدوا إطالة مدة العملية وتعريض الجنين للمزيد من الخطر.. ولكوني سأبدأ بالعلاج الكيماوي بأسرع ما يمكن فلم يريدوا أن يأخروا زمن التئام الجرح..

نظرت للمنظر الذي زاد من بشاعته انبوبان متدليان من الجرح لتفريغ الدم والسوائل

 

و قلت بصوت أسمعه.. الحمد لله.. كفى سخافة..

حاولت أن أقلل من شأن الأمر بقدر ما أستطيع.. فجلست أعد النعم في كونه مجرد ثدي..

-     -   أنا لا أحتاجه للكتابة ولا للقراءة.. ولا للتفكير..ولا للسير..هو مهم فعلاً لكن أهميته محدودة في جزء واحد من الحياة.. فهو لا يؤثر على كل جوانب حياتي..

-      -  أنا لم أصب بداء ذلك المريض الذي رأيته قبل أشهر..إذ أصابه سرطان في عينه.. فاضطروا لاستئصالها كاملة..ولم يستطيعوا تعويضه بعين زجاجية ( لأسباب شبيهة بأسبابي).. فبقيت الفتحة في وجهه.. ثم أصابته حكة في موضع الجرح فكان يدخل إصبعه في تجويف الحدقة وبغير أن "يعلم" يحك دماغه مباشرة ( من غير إحساس) حتى اكتشفوا خراجاً كبيراً في الدماغ من أثر "حكه لدماغه" حتى أننا كنا نسميه في المستشفى ((the brain picker.. الحمد لله.. ليست عيني هي التي نزعت..

-        -الحمد لله.. أن ابني ذي الثلاث سنوات بخير وعافية.. ولو شاء الله أن يصيبه السرطان بدلاً مني.. لكان ذلك أشق علي بألف مرة.. فهو لا يدرك بعد معنى الحكمة من وراء الأمور.. ولا يستطيع تصبير نفسه.. وكل ما يستطيعه أن يبكي بحرقة بسبب ألم لا يفهم له سبباً.. أظن أن ابتلاء الأم بابنها أعظم بكثير من ابتلاءها في نفسها.. فلله الحمد.. على نعمه..

-       - الحمد لله الذي حفظ لي عقلي.. فهو رأس مالي وأهم وأغلى ما أملك..أذكر أني رأيت في الطواريء فتاة في مثل عمري.. تعمل ممرضة.. ليس في عائلتها أحد مصاب بمرض نفسي.. وهي قد أصيبت "بلا مقدمات" بالفصام.. فصارت تسمع أصواتاً وتعيش أوهاماً.. فقدت وظيفتها.. وأصدقاءها.. وفقدت احترامها لدى الناس بهلاوسها وتهيؤاتها التي ليس لها فيها أي ذنب.. فالحمد لله على المرض العضوي الذي يجمع الناس حولك يدعون لك ويسألون لك العافية.. والذي عافانا من المرض النفسي الذي مازال المريض يلام عليه وكأنه قد جلبه لنفسه..

-     الحمدلله الذي أحاطني بأهل وأصدقاء.. يهونون علي.. ويواسونني ويشعرونني بحبهم ورزقني والدين..دعاهما لي خير من الدنيا وما فيها..

-       - الحمدلله.. الذي أنزل علي من عظيم لطفه.. وأحاطني بعنايته و أشعرني بقربه ورعايته.. منذ جاءني الخبر.. وحتى هذه اللحظة..

-        -الحمدلله الذي مكنني من إبقاء الجنين (إلى الآن).. فمع ألم الاستيقاظ من العملية بعضو ناقص.. فإن ألم الاستيقاظ من العملية بعد فقد طفلي "عمداً".. أشد بكثير.. فاللهم أدم علي هذه النعمة وارزقني أن أستمر في هذا الحمل حتى النهاية واجعله يارب مولوداً رضياً تقياً من أوليائك الصالحين..

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق