الأربعاء، 15 يناير 2014

هل أنت مريض؟

الحلقة الرابعة عشر من رحلتي مع سرطان الثدي


أمراض هي أشد من أي سرطان وأفتك بالانسان.. أمراض تقطع الانسان عن مصدر الجود واللطف والاحسان.. تلك الأمراض التي ننسى أو نتناسى وجودها.. لأنها ربما لا تؤثر على دنيانا العاجلة.. ونتناسى كم تؤثر على حياتنا الأزلية الباقية..

الجميع يدعو لي ويبتهل.. يسأعل الله لي الشفاء من داء قد يقصر العمر.. من ستين إلى ثلاثين.. قد يفارقني عن أحباب أنا مفارقتهم لا محالة طال الزمن أو قصر..وقد يهد جسدي (الفاني لا محالة) ..

وكلنا ينسى تلك الأمراض التي تشوه وتدمر الحياة الباقية.. الحياة الأزلية.. الحياة الحقة..

كم من مره أهمنا رأي الناس فكان هو محركنا للعمل أو العطاء فحبط العمل عند الله وبطل..

كم من مره رأينا أنفسنا أكثر صلاحا أو تميزا من فلان أو فلان فهوينا من معراج القرب بغير أن ندري..

كم من مرة تكلمنا أو فعلنا أو "غردنا" فأعجبنا ما قلنا وما فعلنا فمحقت بركة العمل والقول وصار كالزبد الذي يذهب جفاء..

كم من السنوات قضيناها في علم نظن أننا نخدم به الناس.. والنية من وراءه العلو في الأرض لا خدمة الناس.. هل في الناس من هو أشد خسارة ممن يمضي عمره يعمل ويكد ثم يضيع عمله سرابا حين يلاقي ربه لمجرد أنه استمتع بنظر المعجبين إليه..

ثم تقولون لي أن السرطان مرض خطير..

أين خطر هذه الخلايا المسكينة التي لا تفعل إلا أن تعجل في رحلة الانسان لربه.. أمام خطر هذه السرطانات القلبية التي تضيع  كل خير يبذله الانسان ويكد لأجله في لحظات.. في خواطر خافته لا تكاد تحس.. فإذا أصلح الناس وأكثرهم علما وعطاء يضيع عملهم هباء..

حديث لم يزل يخيفني.. أول من تسعر بهم النار.. عالم وشهيد ومتصدق.. أما العالم فيقول يارب تعلمت فيك وعملت فيقول له الله كذبت.. تعلمت ليقال عالم..وقد قيل.. ألقوا به في النار..

كذبت قاتلت ليقال جريء وقد قيل .. كذبت أنفقت ليقال جواد وقد قيل.. ألقوا بهم في النار..

هذه رسالة خاصة لكل المبتعثين وطالبي العلم "والشهادات".. الجزء الأول من الحديث يخصنا جميعا.. كم منا رحل وتغرب وترك الأهل وربما العمل.. ليتعلم فيقال صاحب شهادة.. جاء من أمريكا... جاء من أوروبا.. وليعود فيتشدق على العباد بالعبارة الشهيرة "عندما كنت في أمريكا".. تلمسوا قلوبكم... وأعيدوا حساباتكم بسرعة..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق