الثلاثاء، 29 أبريل 2014

سنكون جميعا بخير

في غرفة الانتظار مع بقية مرضى السرطان بانتظار العلاج الكيماوي.. عادة لا أضطر للانتظار مع الجميع بل أدخل فورا لغرفة الكيماوي الخاصة...لكن لعل الله أراد اليوم أن يعطيني درسا...

قبل أيام عدت للعمل.. وربما عاد للقلب شيء من عنجهية الأطباء وإن  لم ألحظه... ربما عاد لي اعتقاد "المناعة" و "الحصانة" الذي يشعر به جميع الأطباء فالأمراض دوما تصيب الآخرين ولكن ليس نحن...

أجلس وسط مرضى السرطان.. منهم من يرتدي الكمامة... منهم من يحتاج للأكسجين... منهم من أسود وجهه و جحظت عيناه.. وأبدو بفضل الله بحال أفضل بكثير... أخجل من شكلي الجيد وسطهم... أخجل من  قميصي الأحمر وحجابي المزين بالورود الملونة...

لكن لعلي بذلك أعطيهم أملا... ستكونون بخير كما أنني الآن بخير.. ستمر الأيام .. ونكون جميعا بخير..

الثلاثاء، 22 أبريل 2014

#اعفاء_وزير _الصحة...الفتح المبين!!!!



أتصفح تويتر اليوم وأجد من أقوى الهاشتاقات  #إعفاء _وزير _الصحة والتعليقات كلها شتم وسب ودعاء على من قتل الأبرياء وتسبب في كورونا وأشرف شخصيا على كل الأخطاء الطبية.

لن أتكلم عن الربيعة وليس لي في ذلك مصلحه، ولا اعرف ان كان قد قام بكل ما عليه أم لا. لكن سأتكلم عن نفسيتنا الجماعية كمواطنين فيم يسمى بالعالم الثالث.

بداية نحن شعب تعود المركزية ورضعها منذ صغره.

ادتنا ان المسؤول دائماً عن كل صغيرة وكبيره هو دائماً الرأس الكبيرة... هو قمة الهرم المقدس.. اما الصغار ، الموظفون، رؤساء الأقسام، مديرو الوحدات فهم مجرد صغار، مجرد دمى متحركة في يد الكبار وليس في يدهم حل ولا ربط..

تعودنا على نظرية السوبر مان . الوزير العظيم الطيب الذي يحل المشكلات ويصلح الحال ويسعد به العباد والبلاد فلا مريض يموت "بخطأ طبي" و فيروس الكرونا يفر هاربا كان لم يكن ...

وعلى ذكر الخطأ الطبي أحب ان أقول من تجربتي البسيطة كطبيبه ومريضة في الخارج ان الخطأ الطبي وموت المرضى في المستشفيات بسبب خطا احد العملين في المجال الصحي هو امر عالمي يحدث في كل المستشفيات من اكبرها لأصغرها ولهذا تعقد اغلب الأقسام في اغلب المستشفيات لقاء دوريا ( أسبوعيا غالبا) اسمه لقاء الموت والمرض morbidity and mortality meeting or M&M بمعنى لقاء نناقش فيه كل أسبوع حالة اخطأنا فيها هذا الأسبوع خطأ تسبب في موت المريض او تدهور حالته ونناقش معا داخل القسم كيف نتجنب هذا الخطأ في المستقبل. من هذه الأخطاء مثلا (وانا هنا أجلب مثالا من احد  المستشفيات  بمدينة بوسطن   وليس من احد قرى المملكة أو  مستشفى جيزان العام) :

-     نسي الفريق الطبي وقف مضاد حيوي خطير على الكلية واستمر المريض يأخذه بالوريد مده بعد الأيام المحددة وكذلك لم ينتبهوا لوظائف الكلية التي بدأت تتدهور. بل وقام أحد الأطباء بحساب الجرعة خطا وإعطاء جرعة مضاعفة. لم ينتبهوا حتى أصيب المريض بالفشل الكلوي ومضاعفاته وأضطر لغسيل الكلة.

-     حاول أحد الأطباء ادخال أنبوب الأنف الموصل للمعدة للنظر لسائل المعدة لكنه واجه صعوبة فأدخله بعنف فكسر عظمة أسفل الجمجمة و صار. الأنبوب في الدماغ ومات المريض.


كما ترون هذه الأمثلة هي اخطاء طيبه لا عذر فيها، ليست أعراضا جانبيه او مضاعفات معروفه بل اخطاء لا تبرير لها مع هذا لا يكون اللقاء الأسبوعي لقاء صراخ وإلقاء لوم مع اننا هنا في مستشفيات خاصه تهمها سمعتها ان لا تتعرض للمحاكمة من المريض وأهله بل لمعرفة سبب وقوع الخطأ وتجنب حدوثه ثانية. مثلا هل يحل المشكلة الأولى ان يتغير نظام المستشفى الالكتروني فلا يسمح بإدخال اي مضاد حيوي بدون تاريخ انتهاء؟ هل يحلها ان نحث موظف الصيدلية على المزيد من التركيز عند تنفيذ أوامر الآباء فلا يمر دواء بغير مراجعة الجرعة وعدد الأيام ان كان مضادا. الخطأ الطبي كما يقولون هنا لا يقوم به الأطباء لأنهم أشرار ويريدون تعذيب المرضى بل لأنهم بشر يحتاجون نظاما متكاملا يعينهم على عدم الخطأ.


لا تسمع في مثل هذه اللقاءات اسم وزير الصحة. لأنها مشاكل داخليه تحل على مستوى المستشفى.  لماذا عندنا يقحم وزير الصحة في كل صغيرة وكبيرة. لماذا حين يخطأ عامل معمل ويعطي طفلة دما مصابا بفيروس نقص المناعة نسمع صيحات المطالبة بإقالة وزير أصلحه لا بمحاسبة الفني المخطئ وتعديل النظام الذي أدى لهذا الخطأ الفادح. لماذا حين يصيبنا وباء مثل كورونا بكل ما يحمله من تحدي لأي نظام صحي يشتغل الاعلام والتواصل الاجتماعي في اخراج الفضائح بدلا من التركيز على بناء نظام طوارئ يقلل من انتقال العدوى وتشجيع الوزارة والوزير لبذل المزيد في هذا الإطار. لماذا هذه الروح السلبية والتي تجد سعادتها في اخراج الفضائح فتكون النتيجة إقالة الوزير في وقت حرج جداً ووضع وزير جديد سيحتاج لكثير من الوقت والجهد ليفهم نظام الصحة وطريقة عملها وليبدء الاجتهاد والمحاولة في حين الوباء ينتشر ولا ينتظر .