الأربعاء، 11 فبراير 2015

نحن والباكستان..


خرجنا للعشاء مع عائلة صديقة.. تعرفنا عليهم عن طريق مدرسة ابني فابنهم وابننا في نفس الصف.. وبعد عشاء ممتع ضاحك عدنا وفي الطريق قلت لزوجي ضاحكة.. تخيل.. انت في السعودية.. مع الشباب في القهوة.. وتحكي لهم انك اليوم خرجت مع صديقك الباكستاني تيمور وعائلته وتعيشتم معا..

وتخيل زوجي الموقف لدقائق .. تخيل ضحكات وسخرية أصحابه ..ثم تمتم قائلا.. اوبس .. في بلادنا فعلا .."عنصريه"..

وأي عنصرية.. حيث يعامل المواطن  "الأجنبي"  بفوقية عجيبة وكأننا شعب الله المختار..

حيث الأم تقول..أنا لا اقبل أن تعمل عندي "سوداء وسخة" كخادمه.. أنا لا أحب شكلهم وأشمئز منهم:..

حيث يستخدم اسم الاسيوين من الهنود والباكستان كسبه تنمي عن الغباء وصعوبة الفهم "هندي انت.. لم لا تفهم"!!

حيث يجد يجد الطفل نفسه ينادي كل العمالة الأجنبية ب"انت" و "يا محمد".. ويصرخ فيهم ليلبوا رغباته بغير أن يعترض أحد على سلوكه لأنه هو السلوك الطبيعي..

حيث الأطفال في المدارس يتجنبون الطالب الأفريقي  والطالب الأسيوي وكأنما به جرب.. ومن يصاحب هؤلاء يصبح سخرية الفصل كله..

مما أعشقه في بلاد الغربة.. أن ابني منح الفرصة ليصاحب الجميع وأنه تربى على أن لا يلاحظ فرق الألوان والأشكال ويعامل البشر كما هم.. فأصحابة المفضلون هم "ترياس" الهندي و "شارلي" الصيني و"ليا" الأفريقية.. لم يلاحظ ابني الفرق في الألوان لأنه لا المعلمات ولا المديرة ولا الأهالي يشعرون بالفرق.. لم يلاحظ الفرق لأنه في كل برامج الأطفال يحرصون عمدا على تواجد كل ألوان الأطفال في كل حلقة .. ..بما فيهم الطفل  الأسود   ذو الشعر الأجعد.. والطفلة الاسيوية ذات الأنف الأفطس..ليتعلم الطفل أن يرى الجمال في الانسان مهما اختلف لونه وشكله.. 
Image result for barney and friends
              

قارن هذا ببرامج الاطفال عندنا.. ففي الأناشيد تجد الفتيات  جميعا وكأنما ينتقين على أساس الشكل.. الكل بشعر ناعم وبشرة فاتحة وأنف مسمسم .. وكانما أي طفلة بغير هذه المعايير يجب أن تخفى ولا تظهر حتى لا "تصد نفس المتفرجين"..

لم نزل أنا وزوجي نعجب كلما رأينا والدين من أعراق مختلفة.. ننظر إلى اطفالهم فنرى غاية التنوع.. طفلة بيضاء بأعين زرقاء وأنف افطس.. طفلة سوداء بشعر أشقر وأجعد وأعين عسلية.. وكل أشكال التنوع الناتج  عن ذوبان الفروق بين الأعراق.. وننظر للوالدين فترى الحب والتضاحك والتعاون..وكأنما ذاب فرق الألوان بينهم.. هذا في أمريكا التي كانت من أكثر البلاد عنصرية حيث يكتب على المطاعم والمحلات يمنع دخول الكلاب والسود..حدث الكثير ليصلوا لهذا التجانس.. من الحرب الأهلية  لدعوات مارتن لوثر كنج بالمساواة لسن القوانين التي تساوي بين الناس وتمنع أي كلمة أو لفتة عنصرية و توجد عقوبات رادعة لها..لكن الأثر الأعمق يبقى أثر التربية.. في البيوت والمدارس والاعلام.. التي انشات جيلا استطاع أن يحترم الانسان كما هو.. وهم وان لم يبلغوا الكمال في هذا المجال فقد سبقونا فيه بسنوات ضوئية

 
Image result for multiracial kids

 
قال صلى الله عليه وسلم : " دعوها فإنها منتنة!"

الجمعة، 9 يناير 2015

التحليق بغير سرب

 
اليوم أقدر الحياة أكثر من أي وقت مضى. أستشعر النعمة في كل يوم جديد وأستشعر غلاوة كل ساعة.. كم هو ثمين الزمن على هذه الأرض.. ولشدة غلاوة ساعاتي في الدنيا ولمعرفتي أنها ليست (كما كنت أتوهم) بلا نهاية فإني أضن بها.. هي عندي أثمن من أن أمضيها في دوامة أدور فيها في فلك وظيفة  أو برنامج زمالة. فهي وان كانت ستوصلني للهدف إلا أنها ستأخذ مني الكثير وتطالبني بالكثير مما يحقق أجندة صاحب العمل أو البرنامج الدراسي لا أجندتي أنا..
فقررت أن أكون ملكة وقتي.. أن أتصرف في ال24 ساعة يوميا بأفضل شكل أراه.. فأسلك الطريق الذي أره الأقصر لأصل لله وأوصل الناس إليه..
لكني اكتشفت أن الأمر  ليس بهذه السهولة .. اكتشفت كم هي ثقيلة مسؤولية الوقت فنحن منذ نعومة أظفارنا لم نعتد أن نكون المتحكمين في يومنا ..اعتدنا أن تدور حياتنا في فلك المدرسة ..فما الحياة إلا ذهاب للدوام.. وعودة من الدوام.. و عمل لواجبات ومتطلبات الدوام.. واستراحة من الدوام لنعود إليه مرة أخرى.. وهكذا دواليك على مدى سنين وسنين من الدراسة ثم الدراسات العليا ثم العمل.. حتى صار العيش بغير هذا الإطار الذي يرسمه لنا الآخرون صعبا للغاية..
صرنا كالعصفور الذي ألف القفص وصار يخشى الحرية ولا يدري ما يفعل بها.. فتراه يعود للقفص راضيا.. فجدران القفص تمثل له الأمان.. وأي أمان أكبر من أن لا تضطر لأن تسأل نفسك السؤال المؤرق.. "لماذا أحيا اليوم وماذا سأضيف أو أقدم".. فالإجابة قد وضعت لك مسبقا من قبل أخرين.. وأي أمان أكير من أن تستطيع أن تنسب أي اخفاق في حياتك للمنظمة  التي تحيا في ظلها فهي تمثل شماعة ممتازة  للتعاسة التي قد تعيشها.. كما أنها تعطينا وجاهة اجتماعية واحساسا بالأهمية والانجاز وان كان وهميا..
فإن قررت التحليق لوحدي بغير سرب فسيكون علي أن أعرف تماما إلى أين أريد أن أذهب وكيف أصل هناك فأشق طريقا لم تسلكه قدم غير قدميّ.. وأن أبقى يقظة لكل ما يمكن أن يسرق وقتي أو يجرفني بعيدا عن مساري.. وعلي مع ذلك أن أجيب على سؤال المجتمع الشهير.. "ماذا تفعلين في هذه الأيام؟؟".. فأجيب بغير أن أشعر بالنقص او الانتقاص لما أفعل ..
 ولعل اجابتي تكون شيئا مثل.. " حسنا.. حاليا أحاول أن أجد نفسي وأجد الله بهدوء  وبغير ضوضاء.. وأن أعطي بقدر ما أملك عطاء ذا معنى".......

الجمعة، 2 يناير 2015

البعبع الكبير.. الموت


  حسنا...آن الأوان لأن أواجه البعبع الكبير.... الموت... أليس هو النهاية " الأسوء" أليس هو " هزيمتي أمام المرضأليس هو لحظ العاثر" الذي يحاول اختطاف شابه من وسط أطفالها وعائلتها.... هكذا يعرفون الموت  في الغرب. ولكن نظرتنا الاسلامية للموت مختلفة... وهي حقاً ليست بهذا السوء بل هي حتى مبهجه... فالموت عندنا ليس نهاية بل هو انتقال وهو انتقال من حياة محدودة قصيره كتب على الانسان فيها الكبد للحياة الأبدية الحقيقية.. حياة  تجمعنا بالصالحين على مدى الزمان.. تجمعنا بالله وملائكته.. حياة النعيم فيها دائم والسعادة فيها لا تزول... هذه هي حقيقة الموت فهو ليس فناء ولا هزيمة.. وهو  قطار نركبه جميعا   أدركنا أم لم ندرك لنذهب كلنا لنفس المحطة عند رب رحيم كريم نظن به ان يجمعنا وأهلنا واحبابنا في مقعد صدق عند مليك مقتدر...الكل في نفس القطار والكل ينزل في نفس المحطة.. المريض والصحيح.. الغني والفقير.. لكن لعل الفرق  أن المريض قد أعطي  إنذارا قبل المحطة ليستعد للنزول بينما حرم الصحيح هذا الإنذار..

 

من علاقتي العميقة مع الغرب... ارى كم نحن المسلمون محظوظون بهذا الفكر... فاليهود مثلا ليس في تصوراتهم ذكر كثير للحياة الآخرة... فعندما نصل في النقاش  للكلام عن الحياة الاخرى وان هذه الدنيا ليست نهاية القصة ترى الحيرة في عيونهم... نعم هناك حياة اخرى ولكننا لا نعرف الا هذه الحياة وأرواحنا لا تعرف الا هذا الجسد... فالحياة الاخرى مجرد مجهول... وكل مجهول مخيف...

 

أما  غير المؤمنين   فالموت بالنسبة لهم هو النهاية.. نهاية كل سعادة.. نهاية العلاقة بالأهل والأحباب نهاية  كل شيء.. هو صمت مطبق.. هو العدم والفناء.. فلا ريب أن يكون خبر اقتراب الموت أليما خانقا.. ولا عجب أن يتولد الإحساس.. ولماذا أنا؟؟..من بين كل الناس .. أختطف هكذا من سعادتي.. أنا لا استحق ذلك !!أين العدل!!...


كم  اشكر الله ان عرفنا الآخرة في كتابه وحكى لنا عنها و حببنا في جنته ورغبنا فيها حتى لا تصير الدنيا التي لم تكمل يوما لأحد هي منتهى  الأمل.. فنحن ندرك أن هذه الحياة ليست نهاية القصة وأننا نحيى فصلا واحدا من رواية طويلة لا تكتمل إلا في الاخرة.. عندها سنرى أثر المرض وأثر البلاء وعندها سنعرف أن خيار الله كان الأفضل والأنسب بكل المقاييس...