الجمعة، 12 ديسمبر 2014

لا تصورها...عشها!


في بيت الله الحرام.. أسير متعجبة...في صحن الكعبة... حيث الطائفون في أقدس مكان في الأرض... يخرج البعض جوالاتهم.. هذا يصور الساعة الشاهقة العملاقة.. وهذا يصور الفنادق المطلة على الكعبة من علٍ.. وهؤلاء قد وقفوا عن السور في الطابق الأول ويصورون بكل حماس العمال والبلدوزرات وهي تعمل في  مشروع التوسعة... يا جماعة.. هذا بيت الله الحرام.. هذا البيت الذي وضعه لنفسه في الأرض منذ خلق الأرض و ما من نبي إلا حج إليه.. فوقكم الآن يطوف سبعون ألف ملك... هذا بيت الله وأنتم ضيوفه.. فهل من أدب الضيف أن يتشاغل بما في البيت عن صاحب البيت.. فما بالكم ان كان الضيف فقيرا ضعيفا محتاجا قد جاء يطلب حاجاته من الملك الغني القادر.. وبينما أنا أفكر في حالة "التوهان العام" التي نعيش فيها    أرى معتمرا يقف ويجعل الكعبة من خلفه وصاحبه يصوره وهو "يمثل" الدعاء بخشوع...

ألهذه الدرجة التهينا ب"تسجيل الأحداث" بدلا من "عيش اللحظة",,,لماذا صرنا نحرص على تسجيل كل شيء نقوم به بالصور.. ألكي ننشره غدا (أو بعد دقائق) على مواقع التواصل ونحصد عليه الاعجاب.. لماذا لم نعد نعيش الحياة لأنفسنا بدلا من ان نعيشها لأجل عيون الناس التي نحسب حسابها في كل لحظه...وان كان هذا حالنا من التوهان والتشتت  في حرم الله وأكثر الأماكن قدسية ومهابة على وجه الأرض فلا عجب أن نكون  في الحياة في ضياع تام... لا عجب أن ينسى كل منا لماذا هو هنا.. لماذا يعيش .. ولماذا يفعل ما يفعل  (سواء كان عملا أم "فسحة وتمشية"  أم لقاء مع أصدقاء)  لا عجب أن يفقد كل شيء معناه ولذته وطعمه في عالم تملأه الصور والكل يتنافس لإضافة المزيد من الصور الخاوية والابتسامات الكاذبة ليمثل حياة ليست بحياته ليستجدي اعجاب الآخرين أو حتى انتباههم..