الثلاثاء، 14 يناير 2014

المتهم الأول.. العين

الحلقة العاشرة في رحلتي مع سرطان الثدي

اتصلت بي احدى الصديقات العزيزات.. "نور.. عندي سؤال مهم.. هل فكرت في العين كسبب لما أصابك؟"..

بالطبع لم تكن الاولى.. فقبلها بفترة لفتت صديقة أخرى نظري أني في حين حصلت على القبول للزمالة الطبية بجامعة مجيل بكندا.. أصبت بأعراض ولادة مبكرة في حملي الأول من الشهر السادس واضطررت لترك البرنامج.. والآن حين قبلت وزوجي للزمالة في أمريكا (وهي من أصعب الزمالات حول العالم في الاعداد والقبول)..أصابني المرض بعد أشهر من بدء العمل.. والكل كان يتحدث أن قبولي وزوجي في نفس المدينة "معجزة"..

حسنا.. لنبدأ الموضوع من البداية.. هل هناك ما يسمى بالعين؟.. نعم.. العين حق.. وردت في الحديث ولا أستطيع انكارها..

لكن ما الفائدة التي تعود علي من نسب مرضى لحسد الحاسدين.. كل ما سأجنيه هو أني سأشعر بالظلم.. وأن الظلم وقع علي من "نفوس شريرة" حولي لا أعرفها.. سأنعزل..سأجتهد لاخفي نعم الله علي.. سأعيش الشك والكراهية لمن حولي باعتبارهم  سببا "محتملا" لم أنا فيه..

 فهل هذا ما أريد الوصول إليه؟.. هل هذه الأحاسيس تعين على الشفاء؟.. القوة؟.. والعطاء؟!!..

وانظر حولي في مجتمعنا فأجد الكثيرين والكثيرين ممن عاشوا ولا يزالون يعيشون ضحية لهذه الاحاسيس ولأكبر حد..

العنوسة.. الطلاق.. فقدان الوظيفة.. ضياع فرص استثمارية.. المرض..كلها مصائب تحدث للجميع.. ولكن في مجتمعنا وحده نرى الناس فورا يشيرون بأصابع الاتهام لأنفس شريرة حولهم جلبت لهم هذا المصاب أو ذاك وأوقعتهم في المهالك.. ويعيشون بعدها أسرى لعقدة الظلم واحساس الضحية.. أسرى للشك في كل أحد حتى أقرب الناس منهم..

ويضيعون على أنفسهم أكبر متعة حقيقية تكمن داخل كل ابتلاء.. متعة البحث عن الحكمة الالهية والرسالة الربانية من وراء البلاء.. فلعلها كانت رسالة حب وقرب.. أو نضج ورقي.. أوتصحيح مسار.. أضاعها المسكين على نفسه وهو يبحث عن "الجاني" الذي حسده.

و لعل المولى فتح بالابتلاء بابا من الزرق والعطاء لم يكن يخطر له ببال.. لكنه لم بنتبه له ولم يعره اهتماما وسط دموعه وقهره من فلان الذي حسده وفلانة التي سحرته..

ألا ترون معي أننا كمجتمع نعطي "القوى الخفية الشريرة" أكبر من حجمها بكثير.. ونسمح لها "إن وجدت" أن تكون سببا لتعاستنا وقلقنا وعدم استمتاعنا بالحياة.. حتى أن منا من يظن أن عين الحاسد وسحر الساحر أقوى من القرآن والتحصين مما يفتح الباب للمشعوذين و "الشيوخ المفتعلين" ليسترزقوا ويبنوا ثرواتهم على حساب قلة ثقتنا بالله وقدرته..

 

قال صلى الله عليه وسلم" واعلم أن الأمة لو اجتمعت  على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك.. رفعت الأقلام وجفت الصحف!"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق