الثلاثاء، 14 يناير 2014

الرجل الشرقي في المحك



الحلقة الثامنة من رحلتي مع سرطان الثدي

يتصل بي زملاء العمل والأصدقاء من الأمريكيين..يسألون عني ثم يسألون عن زوجي باعتباره شريكي في المصاب.. كيف هو.. كيف نفسيته وتحمله..هل يحتاج هو كذلك للمساعده (او حتى للعلاج النفسي!)..

ويتصل بس أصدقائي وأحبابي من بلادنا العربية.. فأشم لدى الجميع نوعا من "الدهشة" والفرحة بما لم يكن متوقعا..

"..زوجك يدعمك.. كم أنت محظوظة.. الحمد لله الذي رزقك بهذا الزوج.. الحمد لله انه لم يخذلك أو يتخلى عنك"..

وكأن المتوقع من الرجل العربي أن يكون "نذلا" بالطبيعة..

ولو تخيل أي منا بفطرته الطبيعية شخصا يعيش معه لسنين (ولو كان مجرد مشارك للسكن).. ثم أصيب هذا الشخص بمرض أو مصيبة.. أليس من الطبيعي أن يتأثر كل منا.. ويدعم ويساعد.. فما بالكم بشخص يشاركك البيت والمال والمشاعر والأبناء والفراش..

لماذا نتوقع أن يرحل الرجل الشرقي مع أول محك..

وتعود بي الذاكرة لزمن قديم.. لحصة الدين في المدرسة.. وأذكر في أحد الدروس حديث المعلمة عن التعدد..

"وهناك حكم كثيرة للتعدد.. منها أن المرأة تشيخ أسرع من الرجل فان شاخت وتعبت وبقي هو "فحلا".. فليتزوج من شابة صغيرة ليعصم نفسه!!" بعد أن انفقت المرأة حياتها لأجله وسهرت وتعبت ليحقق نجاحه وانجبت أولاده وانفقت صحتها في خدمته وخدمتهم...يكون جزاءها إذا أصابها الكبر أن يدير "الفحل" ظهره لها ليبحث عن جارية أخرى..

.." ومن المبررات أيضا أن المرأة قد يصيبها مرض كالسرطان مثلا.. فلا تعود قادرة على أداء حقوقه.. فله أن يتزوج ليعف نفسه!!"

أهذا هو الدين الذي أنزله الله؟؟ هل قال الله أن على الرجل ان يعيش انانية مطلقة وكل همه في الحياة "اشباع شهوته الجامحة" ..فان سقطت زوجته مريضة فبدلا من أن يكون انسانا يشعر ويتألم ويربت ويدعم.. تحركه غريزته الحيوانية ليبحث عن جارية أخرى يضاجعها ..

هل هذا هو الدين الذي أنزله الله .. الكريم العظيم.. الذي يأمرنا بحفظ المعروف ورد الجميل..

هل هذا هو الاسلام الذي لم يذكر التعدد إلا كمسؤولية على عاتق الرجل ليعول أكبر عدد من نساء مجتمعه  لا كوسيلة لتغيير الزوجات كما تتبدل قطع غيار السيارة..وعلى هذا كان نهج السلف الصالح من الزواج بالأرامل والمطلقات حتى لا يبقين بغير عائل..

لماذا نربي رجالنا منذ الصغر على الأنانية.. على أنهم يستحقون كل شيء ولا يستحق غيرهم شيئا.. لماذا نربيهم تربية "العمده" و"سي السيد" ..الذي خُلق ليُخدم لا ليخدم وليُعطى ويُغذى ويٌمتّع ويرفه بلا مقابل غير وجوده الذكري المقدس..

أعتقد بصدق أن رجالنا خير من ذلك.. وأن التربية الذكورية المريضة جنت علينا وعليهم.. وأنه علينا أن نرقى بتوقعاتنا منهم على الأقل إلى حد "الانسانية" ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق