الجمعة، 17 يناير 2014

ليس الله حكرا على أحد


الحلقة التاسعة عشر  من رحلتي مع سرطان الثدي

من الامور الطريفة أنني عندما اكتشفت مرضي..أرسلت لزملاء العمل (بأمريكا) أبلغهم بما حدث وأعتذر عن غيابي واخذي لإجازة طويلة سيضطر فيها الزملاء لتحمل مهامي ومناوباتي..وفي نهاية الرسالة طلبت من الجميع الدعاء..

فكانت أول الردود من هي رسالة من زميل يهودي ملحد.. يهودي بالاسم والهوية والتقاليد الاجتماعية وملحد في اعتقاده.. أرسل لي.. "أنا لا أدعو عادة.. ولم أدع منذ زمن...لكن لأجلك فقط.. سأقول بعض الدعوات!"..

ثم أرسل لي زميل من المثليين هدفه في الحياة من عمله كطبيب نفسي للأطفال هو أن يدعم كل طفل ومراهق يرغب في أن يكون شاذا وأن يزيل عنهم "الاضطهاد الواقع عليهم".. وهو يعطي في ذلك المحاضرات وينظم المسيرات.. أرسل لي ..سأذهب للكنيسة يوم الأحد خصيصا لأدعو لك دعوات خاصة..

تلتها رسالة من أخصائية اجتماعية يهودية.. طلبت مني أن "أتماسك جيدا حتى السبت المقبل" فهناك صلاة كبيرة في المعبد وستدعو لي هناك..وكانت تتصل بي كل حين وتعرض علي أن تطهو لي الطعام اليهودي "الكوشر" ..

أما رئيس القسم اليهودي كذلك فارسل لي رسالة إيمانية مطولة عن الموازنة بين عدل الله ورحمته وأن رحمته دوما تسبق عدله.. أدركت من رسائلهم أن الله ليس حكرا على أحد كما علمونا..وأن بابه مفتوح لكل من فيه نفخة من روح.. ولكننا نحن نغلق الأبواب ونضع السدود ونظن أن الله لنا فحسب..

قبل أسبوع ذهبت لإلقاء محاضرة عن أثر الايمان في العلاج.. حكيت قصتي وكيف أن وجود الله هو أكبر نعمة في حياة كل منا وقلت فيها فيما قلت.. أن الله تعالى هو ربنا جميعا مهما اختلفت أدياننا واشكالنا.. هو رب الضعيف ورب الجريح مهما كان اسمه أو لونه أو دينه..وهو الوحيد الذي بابه مفتوح 24 ساعة 7 أيام في الاسبوع.. لا يحتاج لسكرتير ولا لموعد..كل ما عليك هو أن تناديه لتجده معك..

وما أن أنهيت الحديث حتى وقفت راهبة من الحضور قالت وعيناها تمتلئان دمعا.. ايماني قد زاد اليوم وتضاعف بسماع حديثك.. وأشعر أن هذه الغرفة التي نحن فيها قد صارت قطعة من الجنة تحفها الملائكة من كل مكان.. أشكرك بشكل خاص أنك لم تحصري هذه العطية الإلهية بدين ولا بجنس وأنك احتويتنا جميعا معك لنشاركك هذه التجربة.. وفتحت لنا الباب لعلاقة عميقة مع الإله الواحد.. هذا هو صلب الايمان وأساس علم اللاهوت..الايمان المجرد من كل الشروط والحيثيات..الايمان القائم على علاقة عميقة بين اثنين.. قلب الانسان.. ورحمة الرحمن..

ثم خطت إليّ وتعانقنا..


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق