الثلاثاء، 14 يناير 2014

لماذا وأنا حامل؟

الحلقة الخامسة من رحلتي مع سرطان الثدي

أحاول أن أفهم الحكمة.. لماذا حدث ما حدث وأنا حامل.. لماذا عقد الحمل كل خطوة في التشخيص والعلاج حتى أننا تقريباً صرنا نعالج الورم "عميانياً" بغير أن نعلم إلى أين انتشر وفي أي مرحلة هو لنتجنب أي إشعاعات قد تضر بالجنين.. أتأمل وأذكر.. كيف بدأ الحمل..

أتذكر دموعي حين اكتشفت أني حامل.. وحزني العميق الذي قد يصل لحد الغضب.. جاء الحمل في هذا الوقت غير المناسب وأنا في بداية سنوات الاختصاص.. والمناوبات كثيرة..وأنا بالكاد قادرة على العناية بابني ذي الثلاث سنوات الذي يمر اليوم واليومين بغير أن أراه أحياناً بسبب ضغوط العمل..

رضيت بهذا الحمل على مضض.. وقلت في نفسي لعله خير.. لكني لم أزل أخبر الأهل والأصدقاء بخبر حملي..وكأني أحمل خبراً يستحق التعازي.. وأنتظر من الناس المواساة "أعانك الله ما أكبر مصابك".. وهكذا كان غالباً رد من أخبر.. "قدر الله وما شاء فعل ولاحول ولا قوة إلا بالله".. كنت أدعو الله وأنا محزونة أن يصبرني ويعينني.. لم أر النعمة في خبر الحمل.. لم أستشعر الفضل و المن بكوني والجنين بصحة وعافية..لم أشهد بالفضل وأظهر الفرح بعطية عظيمة من الله.. تعاملت مع الطفل الآتي كمصيبة تقف في وجه مستقبلي المهني.. مصيبة يجب الصبر عليها..وتحملها..وبقيت بهذا الإحساس حتى جاءت المصيبة الحقيقية..بل حتى تجلت.. النعمة الحقيقية..

سبحان مغير الأحوال بين عشية وضحاها..جاء خبر السرطان..فتلقيته برضىً أكبر مما تلقيت به خبر الحمل من قبل.. جاء خبر السرطان.. فلم أشعر أنه سيحول بيني وبين مستقبلي المهني بل شعرت أنه سيغير دفة حياتي.. ويصحح المسار..في الدنيا..وفي الآخرة..

جاء خبر السرطان فصار المستقبل المهني والنجاح الوظيفي آخر همي وصرت أنظر لما وراء ذلك.. لما كان الهدف من وراء العمل والدراسة و الوظيفة..للسير لله..والوصول إليه.. وجلب النفع لعباده.. وجلبهم إليه..

جاء خبر السرطان فاكتشفت أن القلق على الغد حماقة.. فلا أحد يعلم أيعيش للغد أم لا..وأن حمل الهم.. والتباكي لثقل الحمل من قلة التوكل على رب كريم عظيم قادر.. لا يزيد الحمل إلا ويقوي الظهر..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق